من اخترع العطر ؟
-------------------------------------
إن استعمال العطور بهذا الشكل أو ذاك قديم قدم الإنسان نفسه، و كلمة "بيرفيوم" باللغة الإنكليزية أصلها من الكلمة اللاتينية "فومس" و معناها "دخان" لذلك من المحتمل أن يكون الناس في البداية قد حصلوا على رائحة عطرة بحرق أخشاب أو أصماغ أو أوراق نباتات لها رائحة جميلة.
و نحن نعرف الآن بأن المصريين استعملوا العطور قبل أكثر من خمسة آلاف سنة، لكن العرب كانوا أول من استخدم بتلات الورود لصنع ماء الورد قبل حوالي 1300 سنة، و لم يستخدموا ماء الورد كعطر فقط بل كدواء أيضا، و من أقدم العطور التي صنعت عطر الورد.
إن نصف هكتار (حوالي ألفي دونم) من الورد ينتج طنا واحدا من بتلات الورد، و من هذا الطن من البتلات يتم استخلاص كيلوغرام واحد من العطر، فلا عجب لذلك أن تكون العطور غالية جدا.
إن أزهارا مثل الورد و البفسج و الياسمين و أزهار البرتقال و النرجس هي مصدر لبعض أعظم العطور التي نستعملها، لكن يمكن استخلاص "روح العطر" من مواد غيرها أيضا، فهل تعرفون مثلا أن العطر يستخرج من أخشاب أشجار مثل الأرز و الصندل و من أوراق نباتات مثل الخزامى و النعناع و إبرة الراعي (الغرنوقي) بل أيضا و من جذور نباتات مثل الزنجبيل و السوسن و الفلورنسي ؟
و من أقدم الطرق لصناعة العطر من الزهور طريقة تقطير البتلات بالماء، و يستخدم الفرنسيون عملية تسمى "نقع الزهر" بواسطة صفائح من الزجاج داخل إطارات من الخشب مدهونة بالشحم (شحم الخنزير غالبا) المنقى و توضع فوقها بتلات الزهر فوق بعض البعض، و تستبدل البتلات بين فترة و أخرى حتى يتشرب الشحم المنقى كمية العطر المرغوب فيها.
و هناك طريقة أحدث، يستعمل فيها محلول نقي جدا يستخرج من البترول، و يتم تمرير هذا المحلول في دورات على البتلات الطازجة حتى يتشبع بالعطر، ثم يفصل المحلول بالتقطير و ينقى العطر بالكحول.
و في وقتنا الحاضر، تتنافس الكمياء مع الطبيعة في إنتاج العطور، إذ يصنع الكيميائي عطورا صناعية من قطرات الفحم و زيت التربنتين و من مئات المواد الأخرى بحيت لا يستطيع المرء تمييزها عن العطور الطبيعية، و في الحقيقة فإن كيميائي العطور يستطيع إنتاج "عطور أزهار" يستحيل استخراجها من الأزهار الطبيعية نفسها.